اميـــــــــــــــــــــــــــ العذاب ـــــــــــــــــــــــــــر
أهلا وسهلا بكم فى منتديات اميـــــــــــــــــــــــــــ العذاب ـــــــــــــــــــــــــــر
نتمنى لكم قضاء أمتع الأوقات
برجاء التسجيل إن لم تكن مسجل بالفعل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

اميـــــــــــــــــــــــــــ العذاب ـــــــــــــــــــــــــــر
أهلا وسهلا بكم فى منتديات اميـــــــــــــــــــــــــــ العذاب ـــــــــــــــــــــــــــر
نتمنى لكم قضاء أمتع الأوقات
برجاء التسجيل إن لم تكن مسجل بالفعل
اميـــــــــــــــــــــــــــ العذاب ـــــــــــــــــــــــــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فتوى متجدد

اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:21 am

السؤال:

أعمل في مؤسَّسة تعليميَّة ذات فلسفة
إسلاميَّة، تَرى إدارتُها أنَّ فرض فلسفتها على طلبتِها أمرٌ في غاية
الخطأ؛ لما له من تأثيرٍ سلبيّ على سمعة وقبول الطلبة عليها وخصوصًا إذا
صاحبها سُمعة التَّشدّد؛ لكون ليس كلّ ملتحقيها ملتزمين.

المطلوب شيخي الفاضل: كيف للمؤسسة أن تتعامَلَ مع مُخالفات الطَّالبات
تَحديدًا في الالتزام بالزّيّ الشَّرعي؟ وخصوصًا أنَّه أحدُ شروط الالتِحاق
بالمؤسسة للدّراسة؟ هل تَمنع منعا باتًّا أم تتعامَل باللّيونة والتَّوجيه
والدَّعوة وخلق آليات استقطاب؟

وما هي أفضل الأساليب؟

وما هو المستند الشَّرعيّ للّيونة التي من الممكن أن تتعامَل بِها
المؤسَّسة مع الطالبات؟

أرجو أن أكونَ قد أوصلتُ سؤالي، برجاء الإفادة لأنَّ الأمر ضروري ويكادُ
يتسبَّب في فتنةٍ بيْن القائمين على المؤسَّسة بين اللّين والشّدَّة وبيْن
الاتّهام بالتَّساهُل وبين التَّشدّد في أمور ليس من حقّكم لكون الطالبة
المخالفة تَعيش في مُجتمع غير ملتزم فليس من المنطقي أن تُجبرها على فلسفة
لم تتربَّ عليها... وبارك الله فيكم.



المفتي:
خالد
عبد المنعم الرفاعي

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله
وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمن المعلوم من دين الإسلام بالضَّرورة أنَّ الحجاب من فرائض الإسلام
الحتميَّة، وأنَّه كمال الأدب ورمزُ الحياء، وقد بيَّنَّا حكمه مفصَّلا في
الفتوى: "حكم خلع الحجاب طاعة للرئيس في العمل" والفتوى "فرضية الحجاب
وأهميته" لـسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز.

فالواجب على كلّ مسلمة أن تنقادَ لأوامر الله ورسوله - صلى الله عليه
وسلَّم - مهما كانت صعبةً أو شاقَّة على النفس، فالمؤمنُ الحقّ الصادق في
إيمانه هو الذي يَصْدُق في تَحقيق طاعة ربِّه - سُبحانه وتعالى - وامْتِثال
أوامره، واجتِناب نواهيه، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكَّآ أو يتردَّدا
في الأمر، بل يَجِبُ السَّمع والطاعة مُباشرة؛ عملاً بقوله جلَّ وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ
} [الأحزاب: 36]،
وهذا هو دأب المؤمنين الذين
مدَحَهُم ربُّهم - سبحانه وتعالى - بقوله: {إِنَّمَا
كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ
هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ
وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ
} [النور: 51- 52].

ومن ذلك يُعلَم أنه لابدَّ من إلزام الطالبات بالزّيّ الشَّرعيّ، وبيان
حُكْمِه لهنَّ، والتناصح إليهنَّ بالرفق واللين والحجة والإقناع، والرَّدّ
على شُبَهِهنَّ، فإنِ استجبن لله ورسولِه فبها ونعمت، وإن أبَيْنَ، فيكون
إلزامُهنَّ بالزّيّ شرطًا من شروط القبول، سواء كان التزامهن به عن اقتناع
ومحبة أو عن إجبار، وهذا أصلحُ لِتِلْك المؤسَّسة من عدَّة وجوه:-

الأول: أنَّ التَّفريطَ في أمر الحجاب
والتَّهاوُن فيه يُفْضِي إلى انتِشار الفساد وشُيوع الرَّذيلة والمُنْكرات -
والعياذ بالله - كما لا يخفى.

الثاني: أنَّه يضرّ بالمحجَّبات من حيث
تأثّرهنَّ بالمتبرّجة؛ فالإنسان مَجبولٌ على التأثّر بزملائه وأصدقائه،
ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: "المَرْءُ
على دين خليلِه، فلْيَنْظُرْ أحدُكم مَن يُخالِل
"؛ رواه أحْمد وأبو
داود والتّرمذيّ.
""عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ" أَيْ على عَادَةِ
صَاحِبِهِ وطَرِيقَتِهِ وسِيرَتِهِ "فَلْيُنْظَرْ"
أَيْ فلْيَتَأَمَّلْ ولْيَتَدَبَّرْ "مَنْ يُخَالِلْ"
مِن المُخَالَّةِ وهي المُصَادَقَةُ والإِخَاءُ, فَمَنْ رَضِيَ دِينَهُ
وَخُلُقَهُ خَالَلَهُ ومَنْ لا تَجَنَّبهُ, فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ
وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ في إصْلاحِ الحَالِ وإِفْسَادِه، قال
الغَزَالِيُّ: مُجَالَسَةُ الحَرِيصِ وَمُخَالَطَتُهُ تُحَرِّكُ الحِرْصَ
وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ ومُخَالَلَتُهُ تُزَهِّدُ في الدُّنْيَا; لأَنَّ
الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ على التَّشَبُّهِ والاقْتِدَاءِ بَل الطَّبْعُ
يَسْرِقُ مِن الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي" اهـ من "تحفة الأحوذي".

فتجِدُ الطالبات الملتزمات بالزّيّ الشرعي يُزَيّن لهنَّ الشيطان التبرّج
وينظُرْنَ لِصَواحِبِهنَّ المتبرِّجات نظرةَ إعجاب - لا سيَّما مع طول
الصحبة - فيتبرَّجن مثلهن، ولأنَّ عادة الله جرت بأن المريض يعدي السليم،
والفتن أخَّاذة، ومنِ استشرفها استشرفته، وصدق النبي - صلى الله عليه وسلم -
إذ قال:
"مثل الجليس الصالِح والجليس السَّوء،
كحامل المِسْك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحْذِيك، وإمَّا أن تبتاع
منه، وإما أن تشمَّ منه ريحًا طيّبة، ونافخ الكير إمَّا أن يُحرِق ثِيابك
وإمَّا أن تَجِدَ منه ريحًا خبيثة
"؛ رواه البخاري ومسلم.

الثالث: أنَّ القَائِمُ على أمْر هذه
المؤسَّسة يَجِبُ أن يأمُرَ بالمعروف وينهى عن المنكر، فإنه مسئولٌ عن ذلك
أمامَ الله تعالى يوم القيامة؛ فعن عبدالله بن عُمر يقول: سَمعت رسولَ الله
- صلى الله عليه وسلَّم - يقول: "كلُّكم راعٍ وكلّكم
مَسؤولٌ عن رعيَّتِه، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيَّته، والرَّجل راعٍ في
أهْلِه وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجِها ومسؤولة عن
رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيّده ومسؤول عن رعيَّته، قال: وحسبت أن قدْ
قال: والرَّجُل راعٍ في مال أبيه ومسؤولٌ عن رعيَّتِه، وكلّكم راعٍ ومسؤولٌ
عن رعيَّته
"؛ رواه البخاري ومسلم.

وقال: "إنَّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرْعاه:
أحفِظ ذلك أم ضيَّع
"؛ رواه النسائي.

قال النَّووي: "الرَّاعِي هُوَ الحَافِظ المُؤْتَمَن المُلْتَزِم صَلاح ما
قام عليهِ، وما هُوَ تَحْت نَظَره، فَفِيهِ أَنَّ كُلّ مَنْ كانَ تَحْت
نَظَره شَيْء فَهُوَ مُطَالَب بِالعَدْلِ فِيهِ، والقِيَام بِمَصَالِحِهِ
في دِينه وَدُنْيَاهُ وَمُتَعَلِّقَاته".


وليعلم أنَّ قبول الطَّالبات المتبرّجات وعدَم إلْزامِهِنَّ بالزّيّ
الشَّرعيّ إقرارٌ لَهُنَّ على ذلك، ومَن أقرَّ فهو شريكٌ في الإثم، غاشّ
لرعيَّته كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "ما من
عبدٍ يَسترعيه الله رعيَّة يَموت يوم يَموتُ وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرَّم
الله عليه الجَنَّة
"؛ رواه مسلم.


وروى أيضًا عائذُ بن عمرو - وكان من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه
وسلَّم - دخَلَ على عُبيْدالله بن زياد فقال: أي بني إني سَمِعْتُ رسول
الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقولُ: " إنَّ شرَّ
الرّعاء الحُطَمة فإيَّاك أن تكونَ منهم
".

قال النووي : "قال القاضي عياض - رحِمه الله -: معناه بيّن في التَّحذير من
غشّ المسلمين لِمن قلَّده الله تعالى شيئًا من أمرهم، واسترعاه عليهم،
ونصبه لمصْلَحَتِهم في دِينِهم أو دُنياهم، فإذا خان فيما اؤتُمِنَ عليه
فلم ينصحْ فيما قلَّده، إمَّا بتضييعه تعريفَهم ما يلزمهم من دينهم وأخذهم
به وإمَّا بالقيام بِما يتعيَّن عليه من حِفْظ شرائعهم والذَّبّ عنها لكل
متصدّ لإدخال داخلة فيها أو تحريف لمعانيها أو إهْمال حدودِهم أو تضييع
حقوقِهم أو ترك حِماية حوزَتِهم ومُجاهدة عدوّهم أو تَرْك سيرة العدل فيهم
فقد غشَّهم. قال القاضي: وقد نبَّه - صلى الله عليه وسلَّم - على أنَّ ذلك
من الكبائر المُوبقة المبعدة عن الجنَّة، والله أعلم".
هذا يَعني عِظَمَ المسئولية الملْقاة على عاتق مَن يقوم بإدارة هذا المكان،
لاسيَّما في هذا الزَّمَنِ الذي تساهل فيه الكثيرُ من النّساء والرّجال في
أمر الحجاب، مِمَّا يُحتّم عليه أن يتَّقي الله في نفسِه وفي رعيَّتِه،
وأن يكون حازمًا تِجاهَ هذا الأمر بِلا تَهاون، إبراءً لذمَّته، وحذرًا من
الدخول في الوعيدِ المَذْكُور في الحديث السابق.

ووجودُ المرأة في مُجتمع غير ملتزم بتعاليم الإسلام لا يُعْفِيها من أداء
هذه الفريضة، ولا يُعْفِي مَن يتولَّى أمْرَها كذلك، فبسبَبِ انتشار الفسق
والفُجور قد يتعرَّض لَها في عرضها، والحجاب سببٌ في حِمايتها، وبه تُعْرَف
عفَّتها، لذلك قال تعالى في نِهاية الآية السابقة: "ذَلِكَ
أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً
رَحِيماً
" [الأحزاب: 59].


أمَّا كلمتي اللّين والشّدَّة فلهما معانٍ صحيحة، ولكن أيضًا قد يُراد
بِهما معانٍ باطلة تعود على الشَّرع بالإلغاء، فالمعنى الصَّحيح للتشدّد هو
التَّنطّع ومُجاوزة الحدّ في التَّعسير على النَّاس، كما فعلتِ الخوارج في
التَّكفير بالكبائر أو بتَرْكِ أعيان العمل.

أمَّا لو أطلق التّشدّد على التّمسّك بالدَّليل الصَّحيح، فلا شكَّ أنَّه
معنى باطل.

وكلمة اللّين إن كانتْ بِمعنى التَّيسير فيما أذِنَ فيه الشَّرْع، فصحيحةٌ؛
ومنه قولُ عائشة - رضي الله عنها -: "ما خُيِّر رسولُ الله - صلَّى الله
عليه وسلَّم - بين أمريْنِ إلا أخذ أيسرَهُما، ما لم يكن إثمًا، فإنْ كان
إثمًا كان أبعدَ النَّاس منه".

وأمَّا من أراد التفسّخ من أوامر الشريعة متذرّعًا بأنَّ الشريعة مبنيَّة
على التيسير فلا،، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty رد: فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:24 am

السؤال:

ما رأي فضيلتكم في تناول شبهات النصارى
والرد عليها في خطب الجمعة؟


المفتي:
رفاعي
سرور

الإجابة:

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وبعد :-

من أهم مقتضيات الحكمة في خطبة الجمعة:

1- التناسب بين موضوع الخطبة وأسلوبها
وبين السامعين لها.

2- والتركيز في الأساس على الإثارة
العاطفية بجانب الفائدة العلمية.

3- وكذلك مراعاة طبيعة العامة مما يتطلب
عند طرح الرد على الشبهات في خطبة الجمعة عدة أمور أهمها:

(إختيار
الشبهات ذات الطبيعة العاطفية: مثل الشبهات التي تثار حول المرأة)
بعناصرها الأساسية مثل نقصان العقل.. الطلاق.. الضرب.. التعدد.. الميراث..
الحجاب..

4- والبعد عن الشبهات ذات الطبيعة
الفكرية البحتة مثل شبهة النسخ في القرآن فيكون من الأفضل مناقشتها في
الدروس والمحاضرات.

5- التركيز على الرد باستفاضة مؤثرة
عاطفيا.

6- إظهار جوانب التصور الإسلامي
العقيدية والفكرية المتعلقة بالشبهة والإستفاضة في إظهار هذه الجوانب حتى
تنطبع في أذهان الناس عظمة التصور الإسلامي ويتضائل بجانبها أي أثر للشبهات
المثارة.

باعتبار أن إثارة الشبهات دون إظهار جوانب التصور
الإسلامي المتعلقة بالشبهة المُثارة يجعل قلب العاميّ يتأثر وخصوصاً إذا
كان هذا السامع من أصحاب الشهوات.

7- ويكون من الأفضل أن تكون موضوعات
خطبة الجمعة عامة مثل الهجمة الصليبية الشرسة على الإسلام والمضمون العقيدي
للصراع والعداء الغربي لهذا الدين وظاهرة الإساءة للرسول صلي الله عليه و
سلم.

فيكون إثارة الرد على الشبهات النصرانية أمراً صحيحاً إذا
استطاع الخطيب أن يحقق هذه المقتضيات، ومن الضروري تنبيه الخطيب علي أن
يلجأ المصلون إلي خطباء المساجد وعلمائهم إذا عرض لأحد منهم شبهة أثيرت له
أو لغيره من المسلمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty رد: فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:25 am

السؤال:

انتشر علم النفس بكل فروعه في مختلف بقاع
الأرض، فكان لزامًا على البشرية أن يعملوا بهذا العلم، إما للعلاج أو
التحليل أو في الأبحاث، وأنا - ومن خلال دراستي في البكالوريوس - واجهني
العديد من الصعاب والاستفسارات، التي بحثت عنها لأجدها، فكانت قليلة جدًا.

ومنها: ما دور الإسلام في علم النفس؟ وما دور علماء الإسلام في خدمة
الإنسان من خلال علم النفس؟

ولكن ما وجدته أنَّ هناك العديد من العاملين بحقل الإرشاد النفسي وعلم
النفس، هم من الملتزمين بمبادئ الدين الحنيف، ويعملون جاهدين لخدمة الإسلام
وأهله، ومن خلال استفساراتي وسؤالي للعديد من العاملين في المجال الديني
وعلماء الإسلام المحليين لم أجد إلا الرفض لهذا العلم، ونعت أهله بالكفر،
لدرجة أن أخًا لي عندما سألته عن حكم الشرع فيما لو قُتِلْتُ أو مِتُّ وأنا
ذاهب لدراسة الماجستير بجامعة القدس، فكانت الإجابة منه كالصاعقة عليَّ،
إذْ قَال وبالحرف الواحد: إنك تموت على الجاهلية.

الله أكبر، أهكذا أكون؟! لقد سَخَّرتُ علمي وعملي لخدمة الإسلام، فهل
حقًا يكون مصيري هكذا؟


المفتي:
خالد
عبد المنعم الرفاعي

الإجابة:


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما
بعد:

فنسأل الله العليَّ القديرَ أن يَتَقَبَّلَ مِنْكَ حِرْصَكَ على خدمة
الإسلام.


فمن المعلوم أِنَّ عِلْمَ النَّفْسِ الذي يُدَرَّسُ حاليا في
المؤسسات التعليمية شعبةٌ من شُعَبِ الفَلْسَفَةِ اليُونَانِيَّة، وغيرهمْ
ممن لا يَدينون بدين صحيح ومن ثَمَّ أهملوا جانِبَ اتِّصَالِ العَبْدِ
بِرَبِّه، وإيمانه به وَبِقُدْرَتِهِ وَبِقَدَرِه، وَيَنْظُرونَ إِلَى
الأحداثِ نَظْرَةً ماديَّةً مُجَرَّدَةً؛ بالنظر إلى الأسباب دون النظر إلى
المُسَبِّبِ؛ وذلك لأنَّ واضعيه أغلبهم من غير المسلمين.


لذلك يجب على الدارس والعامل في هذا المجال دراسةُ الكتاب والسنة،
وتنميةُ التجارب الواقعية والخبرة بالقراءة والبحث، وإضافةُ ما يتوافق مع
المبادئ الإسلامية، وحذف ما يتعارض معها منه، والحذرُ مما تجره هذه
الدراسات من الانزلاق والمجانبة للطريق المستقيم.


فَإِنْ كانتْ طَبِيعَةُ عملِكَ - بوصفك مرشدًا نفسيًّا - هي
استخدام عِلْمِ النفس لتحليل نفسيَّة شخص ما ومعرفة طبيعته، وهل هو شخص
بسيط أو معقد، أو هو ذكي أو بليد، أو متهم أو بريء أو مساعدة الأفراد
المصابين بسقوط نفسي أو غير ذلك: فلا مانع من هذا العمل شرعًا في حدِّ ذاته
ما لم يكن يدخل عليه مانع آخر.


أما قول ذلك الأخ لك: "إنك لو مت وأنت تدرس ذلك العلم تموت على
الجاهلية"، فغلو شديد يشبه غلو الخوارج، ولا أعلم أحدًا من أهل العلم
المعتبرين قال بهذا القول الجافي، بل قد يكون في عملك ودراستك فوائدُ إن
استخدِمت لخدمة المسلمين وفقًا لما ذكرناه من ضوابط.



هذا؛ وقد صُنِّفَت في هذا الباب بعضُ الكتب، تتناوله من الناحية
الشرعية؛ منها على سبيل المثال:

(القرآن وعلم النفس) و (مدخل إلى علم النفس الإسلامي)؛ لمحمد عثمان
نجاتي، والكتاب الثاني يمكنك تحميله من المجلس العلمي بموقع (الألوكة) على
الرابط التالي: Majles

وكتاب (معالم علم النفس في القرآن الكريم) وكتاب (علم النفس في التراث
الإسلامي)... وغيرهم.


وهذه الإسهامات - وإن كانت قليلة - إلا أنها تُعَدُّ بداية لتصحيح
هذا الفن وأسلمته، والمجال لازال رحبًا لمزيد من الإسهامات،، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty رد: فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:27 am

السؤال:

أريدُ أنْ أَسألَ عن حُكْم (الاسْتِنْسَاخ)،
وخاصةً اسْتِنْسَاخُ البَشَر؛ لماذا يَقولُ الفقهاءُ: إنه حرامٌ، برَغم
أنَّه يَنفَعُ النَّاسَ كثِيرًا، ويَحُلُّ بعض المُشكِلات؟!

مثلًا: لو أَردْنا زيادةَ الثَّروة الحيوانيَّة لاستنسخنا خلايا
النبات، لماذا يَحرُم استنساخُ الإنسان وهو مِثْلُ استنساخ النبات؛ مجرد
زَرْعٍ لأنسجة حيوان في جسم حيوان آخرَ؟!

وقد يَكُون هذا حلًّا لمُشكِلة الإنسان الذى لا يُنْجِبُ.

فما يَسْتَجِدُّ من مَسائلَ وأشياءَ؛ فالأصل فيه الحِلُّ وليس
الحُرْمَة.

وإن كانتْ هناك أضرارٌ؛ فهى أقلُّ بكثيرٍ منَ الفوائد العظيمة التى
تُجْنَى من هذا الأمرِ.

هناك شيوخٌ يُعَادُونَ كلَّ جديدٍ؛ مثلَ (الإنْتَرْنِتْ)، و(الشَّات)،
والاستنساخِ، وغيرِ ذلكَ؛ لمجرِّد أنَّها أشياء مستحدثة!!!


المفتي:
خالد
عبد المنعم الرفاعي

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله
وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:

فإنَّ الإسلامَ يَحُثُّ على العِلْمِ والبحثِ العلميِّ، ويجعلُهُ من
فروض الكفاية، ويُشَجِّعُ على التَّفوُّق في كلِّ مجالٍ من مجالات العِلْمِ
التي تَحتاج إليها الأُمَّة، ولكنْ مع التَّقَيُّدِ بقِيَمِ الدِّينِ
والأخلاق، والمحافظةِ على الثَّوابتِ؛ فلا يَقبلُ الإسلامَ فكرةَ الفَصْلِ
بينَ الدِّين والعِلْمِ والاقتصادِ والسِّياسةِ، ويرى أنَّ كلَّ شيءٍ في
الحياة يجبُ أنْ يَخْضَعَ لتوجيه الدِّينِ، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل
عمران:154].


كما أن الإسلام لا يضعُ قيودًا على حريَّة البحثِ العلميِّ، ولكنْ
يضعُ ضوابطَ أمامَ دخولِ تطبيقاتِ نتائجِ البحثِ العلميِّ إلى السَّاحةِ
العامَّةِ بغير أن تَمُرَّ على مِصْفَاةِ الشَّريعة؛ لِتُمَرِّرَ المُبَاحَ
وتمنعَ الحرامَ، فلا يسمحْ بتطبيقِ شيءٍ لمجرَّد أنَّه قابلٌ للتَّطبيق؛
بل لابدَّ أنْ يكون عِلْمًا نافعًا، جَالِبًا لمصالحِ العِباد، ودَارِئًا
لمفاسدهم، محافظًا على كرامةِ الإنسان ومكانتِه والغايةِ من خَلْقِه.


أما الاسْتِنْسَاخُ:

فمنَ المعلوم أنَّ سنَّة الله في الخَلْق أنْ يَنْشَأَ المخلوقُ
البشريُّ من اجتماع نُطْفَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، تَشْتَمِلُ نُواةُ كلٍّ
منهما على عددٍ من الصِّبْغِيَّات (الكُرُومُوسُومَات)، يَبلغُ نصفَ عددِ
الصِّبْغِيَّاتِ التي في الخلايا الجسديَّة للإنسان.


فإذا اتَّحَدَتْ نطفةُ الأب - (الزَّوْج) - التي تُسمَّى (الحيوانَ
المَنَوِيَّ) بنُطْفَةِ الأمِّ - (الزَّوْجة) - التي تُسَمَّى
(البُوَيْضَةَ)؛ تحوَّلَتَا معًا إلى (نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ) أو (لَقِيحَةٍ)،
تشتملُ على حقيبةٍ وراثيَّةٍ كاملةٍ، وتمتلكُ طاقةَ التَّكاثُر؛ فإذا
انغرسَتْ في رَحِمِ الأمِّ تنامتْ وتكاملتْ، ووُلِدَتْ مَخلوقًا مُكتمِلًا
بإذن الله!!


وهي في مسيرتها تلك تتضاعفُ؛ فتصيرُ خَلِيَّتَيْنِ
مُتَمَاثِلَتَيْنِ، فأربعًا، فثمانيًا! ثمَّ تواصلُ تضاعُفَها حتى تبلغ
مرحلةً تبدأُ عندها بالتَّمايُز والتَّخَصُّص.


فإذا انْشَطَرَتْ إحدى خلايا اللَّقِيحَةِ في مرحلةِ ما قبلَ
التَّمايُزِ إلى شَطْرَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ؛ تَوَلَّدَ منهما تَوْءَمانِ
مُتَمَاثِلان.


وقد أَمْكَنَ في الحيوان إجراءُ فَصْلٍ اصْطِناعيٍّ لأمثال هذه
اللَّقائح؛ فتولَّدتْ منها توائمُ متماثِلةٌ. ولم يُبَْلَّغْ بعدُ عن حدوث
مثلِ ذلك في الإنسان، وقد عُدَّ ذلك نوعًا من الاسْتِنْسَاخِ أوِ
(التَّنْسِيل)؛ لأنَّه يُوَلِّدُ نُسَخًا أو (نَسَائِلَ) متماثلةً،
وأُطْلِقَ عليه اسمُ (الاسْتِنْسَاخ بالتَّشْطِير)!!


وثمَّةَ طريقةٌ أخرى لاسْتِنْسَاخِ مَخلوقٍ كاملٍ، تَقومُ على
أَخْذِ الحقيبة الوِراثيَّة الكاملة على شكل نَواةٍ من خليَّةٍ مِنَ
الخلايا الجسديَّة، وإيداعِها في خليَّةٍ بُيَيْضِيَّةٍ منزوعةِ النَّوَاة،
فتَتَأَلَّف بذلك لَقِيحَة تَشتملُ على حقِيبةٍ وِرَاثيَّةٍ كاملةٍ، وهي
في الوقت نفسِه تمتلكُ طاقةَ التَّكاثُر، فإذا غُرِسَتْ في رَحِمِ الأمِّ
تَنامَتْ وتكاملتْ ووُلِدَتْ مَخلوقًا مُكتمِلًا بإذن الله.


وهذا النَّمطُ من الاسْتِنْسَاخ الذي يُعْرَفُ باسم (النَّقْل
النَّوَوي) أوِ (الإحلال النَّوَوَي للخليَّة البُيَيْضِيَّة)، وهو الذي
يُفْهَمُ من كلمة الاسْتِنْسَاخ إذا أُطْلِقَتْ، وهو الذي حَدَثَ في
النَّعْجَة (دولْلِي).


على أنَّ هذا المخلوقَ الجديد ليس نسخةً طبقَ الأصل؛ لأنَّ
بُيَيْضَةَ الأمِّ المنزوعةِ النَّوَاة تظلُّ مشتمِلةً على بقايا
نَوَوِيَّة في الجزء الذي يُحيطُ بالنَّواة المَنزوعة. ولهذه البقايا أثرٌ
ملحوظٌ في تحوير الصِّفات التي وُرِّثَتْ منَ الخليَّة الجسديَّة، ولم
يُبْلَّغْ أيضًا عن حصول ذلك في الإنسان.


فالاسْتِنْسَاخ إذن هو: تَوْلِيدُ كائنٍ حيٍّ أو أكثرَ، إمَّا بنقل
النَّوَاة من خليَّةٍ جسديَّةٍ إلى بُيَيْضَةٍ مَنْزُوعةِ النَّوَاة، وإما
بتَشْطِير بُيَيْضَةٍ مُخَصَّبَةٍ، في مرحلةٍ تَسبِقُ تَمايُزَ الأنسجة
والأعضاء.


ولا يخفى أنَّ هذه العمليَّاتِ وأمثالَها لا تُمثِّل خَلْقًا أو
بَعْضَ خَلْقٍ؛ قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {أَمْ
جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ
عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ
الْقَهَّارُ
} [الرعد:16].


وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ *
أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا
بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ
أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ
عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ
}
[الواقعة:58-62].


وقال سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ
أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ *
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ
وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ
الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ
مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا
أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
} [يس:77-82].


وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ
مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ
مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ
مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا
ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ
} [المؤمنون:12-14]


انْظُرْ: قراراتِ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإسلاميِّ، و مجلَّةَ
المَجْمَعْ.


أما سببُ حُرْمَةِ اسْتِنْسَاخ البَشَر منَ النَّاحية الشَّرعيَّة
والأخلاقيَّة:

* أنَّه عَبَثٌ بكرامة الإنسان، وفسادٌ في الأرض؛ فهو طريقةٌ شاذَّةٌ
في تكاثُر البَشَر، وخروجٌ سافِرٌ على ناموس الله في الكَوْن، وتغييرٌ
ظاهرٌ لِخَلْقِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ قال تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ
فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ
} [النساء:119].


* وفيه تَعَرُّضُ الأَجِنَّة المُسْتَنْسَخَة للبَيْع والتَّشْويه؛
فإنَّ الاسْتِنْسَاخَ يُفْضِي إلى وجود أَجِنَّةٍ فائضةٍ، ليس أمامها إلا
الموتَ أو الاستزراعَ في أرحام نساءٍ أُخْرَيَاتٍ، فإن تُرِكَتْ للموت؛ كان
مؤدَّى هذه الطريقةِ هو التسبُّبُ في إنشاء حياةٍ ثم تَرْكِها تموتُ، وإن
أُودِعَتْ في أرحام أُخْرَيَاتٍ غير الأمِّ؛ كان مؤدَّى ذلك أن تَحْمِلَ
هذه الأرحامُ أَجِنَّةً غريبةً عنها، وكلُّ ذلك غيرُ جائزٍ شرعًا وخُلُقًا
وعقلًا، حتى إنَّ الغربَ يَحْظُرُ اسْتِنْسَاخ البَشَر!!


* الاسْتِنْسَاخُ بهذه الطريقة يؤدِّي إلى الاستغناء عنِ الزَّواج،
ويُشَجِّعُ عمليَّاتِ الإجهاض، ويَهدمُ المجتمعاتِ، ويُجَرِّدُ الإنسانَ
من إنسانيَّته، إلى غير ذلك مِنَ الأضرار والمفاسد، التي تُعارِضُ قواعدَ
الشَّريعة ومقاصدَها؛ فالعَبَثُ بخَلْقِ الإنسان جريمةٌ كبرى، لنْ تَبُوءَ
إلا بالفشل والخُسْران؛ ومن ثم مُنِعَ حتى في الغرب.


يقول الدكتور عبدالخالق محمد: "إنَّ اسْتِنْسَاخَ خلايا آدميَّةٍ
بالغةٍ باستخدام التِّقْنِيَة آنفةِ الذِّكْر لا يزالُ مستحيلًا،
والمحاولاتُ التي أُجْرِيَتْ كلُّها باءتْ بالفشل، وهي في مَهْدِها،
والمحاولاتُ القليلةُ التي نجحتْ كانتْ نتيجتُها مخلوقاتٍ بالغةَ
التَّشْوِيه.


وهناك طريقٌ آخرُ للاسْتِنْسَاخ، وهي طريقُ التَّوائم؛ وذلك أنَّ
الإنسانَ في البداية خليَّةٌ واحدةٌ، تَنقسِمُ إلى خليَّـتَيْن، ثم إلى
أربعٍ. وقد تمكَّنَ العلماءُ من فَصْل الخليَّة التي نتجتْ عنِ انقسامِ
الخليَّةِ الأمِّ إلى اثنتين، وعَزْلِهِما، إلى آخِر هذه العمليَّة التي
باءتْ بالفشل أيضًا.


وهذا العَبَثُ في الأَجِنَّة بالطَّريقتَيْن ليسَ خَلْقًا ولا
اسْتِحْدَاثًا للإنسان أو الحيوان، ولن يكونَ شأنُ الإنسان شأنَ النَّبات،
يتكاثرُ بجزءٍ من أعضائه أو نسيجه أو براعمه؛ لأنَّ شأنَ الحيوان شأنٌ
آخَرُ".


أما اسْتِنْسَاخ الحيوان:

فحقيقةُ الأمر أنَّ علماءَ الأحياء عبثوا ببُوَيْضَةٍ مُلَقَّحَةٍ،
وانتَزعوا منها النَّوَاةَ، وحَقنُوها بخليَّةٍ حيَّةٍ من شاةٍ أخرى،
فظنُّوا أنَّ الخليَّة الحيَّة انقسمتْ، ونَشَأَ الجنينُ منها،
وتَخَلَّقَتِ الشَّاةُ من هذه الخليَّة!


والذي حَدَثَ هو الحصولُ على بُوَيْضَةٍ من شاةٍ، واسْتُخْرِجَتْ
منها النَّوَاةُ، ثم الحصولُ على خليَّةٍ أخرى طبيعية من شاةٍ،
واسْتُخْرِجَتْ منها النَّوَاةُ، ووُضِعَتْ نَوَاةُ الخليَّة الطبيعية في
البُوَيْضَة، ووُضِعَتِ البُوَيْضَةُ في رَحِم الأمِّ؛ فتَكاثرتْ إلى أنْ
أنجبتِ الأمُّ شاةً. وتَمَّتْ هذه العمليَّةُ بعد إجراء أكثرَ من ثلاثمائةِ
عمليَّةِ دَمْجٍ (للحِمْض النَّوَوِيِّ) المأخوذِ من خلايا ضَرْعٍ مع
بُوَيْضَاتٍ مُخَصَّبَةٍ من نِعاجٍ، وكلُّها قد فَشِلَتْ، وربَّما أَنتجتْ
مُسوخًا لم يُعْلَنْ عنها.


وهذا السَّعيُ الحثيثُ لخلق الإنسان والحيوان من غير الطريق الذي
وَضَعَه اللهُ تعالى سعيٌ قديمٌ عَبَثِيٌّ إفساديٌّ، وهو نِتاجٌ
للمُعْتَقَدِ اليهوديِّ في التَّوْراة المحرَّفة مَأخُوذًا عن كفَّار
الرومان الأقدمِين، الذي يقولُ: إن صراعًا بين الإنسان والإلَهِ منذ
القِدَم، وإنَّ الإلهَ قَهَرَ الإنسانَ لأنَّه حازَ العِلْمَ، وأنَّ
الإنسانَ استطاعَ أن يسرِقَ شعلةَ المعرفة من الإلَه، وبذلك أصبح كإلالَه،
عارفًا الخيرَ والشرَّ!!


ولذلك؛ فلا عَجَبَ أن ترى الاسْتِنْسَاخَ يناقضُ السُّنَنَ
الربَّانيَّة من التَّنَوُّع؛ لأنه يقومُ على تَخْلِيق نسخةٍ مكرَّرة من
الشَّخص الواحد، وهذا يترتَّبُ عليه مفاسدُ كثيرةٌ في الحياة البشريَّة
والاجتماعيَّة.


فتَصَوَّرْ فصلًا من التَّلاميذ المُسْتَنْسَخِينَ، كيف يُميِّزُ
المُدرِّسُ بين بعضهم وبعضٍ؟!


وكيف يعرفُ المحقِّقُ مَنِ ارتكبَ جُرْمًا من غيره، والوجوهُ
واحدةٌ، والقاماتُ واحدةٌ، والبَصَماتُ واحدةٌ؟!


بل كيف يعرفُ الرَّجلُ زوجتَهُ من غيرها، والأخرى نسخةٌ مطابقةٌ
لها؟! وكيف تعرفُ المرأةُ زوجَها من غيره، وغيرُهُ هذا صورةٌ منه؟!


إنَّ الحياةَ كلَّها سَتَضْطَرِبُ وتَفْسُدُ إذا انْتَفَتْ ظاهرةُ
التَّنوُّعِ واختلافِ الألوان، الذي خَلَقَ اللهُ عليه النَّاسَ.


ومنها: عَلاقةُ الشَّخص المُسْتَنْسَخ بالشَّخص المُسْتَنْسَخ
منهُ: هل هو نفسُ الشَّخص؛ لكونِهُ نسخةً مطابِقةًَ منهُ، أو هو أبوهُ, أو
أخٌ لهُ؟!


ومنها: أنَّه يُخالفُ سُنَّة الازْدِوَاج - الزَّوْجِيَّة - في
الكَوْن؛ فقد خلق الله النَّاسَ أزواجًا من ذكرٍ وأنثى، وكذلك الحيواناتِ
والطُّيورَ والزَّوَاحفَ والحشراتِ؛ بل كذلك النباتاتِ كلَّها؛ بل كَشَفَ
لنا العِلْمُ الحديثُ أنَّ الازْدِوَاجَ قائمٌ في عالم الجمادات؛ بل إنَّ
(الذَّرَّةَ) - وهي وَحْدَةُ البناء الكَوْنيِّ كلِّه - تَقومُ على
(إلِكْتِرُون) و(بُرُوتُون) أي: شحنةٌ كهربائيَّةٌ موجبةٌ، وأخرى سالبةٌ -
ثم النَّوَاةُ، وقد سجَّلَ القرآنُ الكريمُ تلك الحقيقةَ؛ قال تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ:8]، وقال
سبحانه: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ
وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى
} [النجم:45-46].


ويقول: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ
الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ
} [يس:36]، ويقول: {وَمِنْ
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
}
[الذاريات:49]. ولكنَّ الاسْتِنْسَاخَ يقومُ على الاستغناء عن أحد
الجِنْسَيْن، والاكتفاءِ بجنسٍ واحدٍ.


أما قول السَّائلةِ: "هناك شيوخٌ يُعَادُونَ كلَّ جديدٍ؛ مثلَ
(الإنْتَرْنِتْ)، و(الشَّات)، والاستنساخَ، وغيرَ ذلكَ؛ لمجرِّد أنَّه
حديثٌ!!!".


فلو فُرِضَ وجودُ مَنْ يُعادي الجديدَ من حيثُ إنَّه جديدٌ وحَسْبُ
فهذا من أَجْهَلِ النَّاس، ويدخل في قول الله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا
يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ
} [يونس:39]، وهذا لم يُعْرَفْ عند المسلمين،
وإنما وُجِدَ في نَصارى الغَرْبِ، الذين أَحرَقُوا العلماءَ أصحابَ
الاخْتراعاتِ في الأفْرَان!!


أما علماءُ المسلمين؛ فلم يُعَادوا شيئًا من هذا، وإنما يَذكُرُون
الضَّوابطَ الشَّرعيَّة لاستعمال ما هو حديث، على طريقة المِصْفَاة أو
الفَلْتَرَة التي ذكرنَاها في صَدْر الفتوى؛ كضوابطِ استخدام
(الإنْتَرْنِتْ)، من عدم الدُّخول إلى المواقع الإباحِيَّة، أو مواقع
التَّعارف بين الجنسين، وما شابه.


وكذلك يذكرونَ ضوابطَ استخدام (الشَّات)، فيُبيحُونَه في جميع
الوسائل المشروعة؛ بل ويستخدِمُهُ أكثرُهُم في الدَّعوة إلى الله، ورَدِّ
الشُّبُهَات، والمناظرات، وغير ذلك، وإنَّما يَمنَعونَ - فقط - المحادثات
الفردية بين الجنسين في برامج المحادثة، وغُرَفَ الحديث المنفرد - في
(الديجي شات) و(البالتوك) و(الياهو) وغيرها - وإن كانوا يُبيحُونَ
المشاركةَ الجماعيَّةَ في المنتديات العامَّة.


فَدَوْرُ العلماء في هذا وغيره: المُحَافَظةُ على هوِيَّة
الأُمَّة، في ظل استخدام التِّقْنِيَات الحديثة.


وإنْ كان كثيرٌ من أبناء المسلمين - هَدَاهُمُ الله - لا
يَرْضَوْنَ بدَوْرِ العلماء ولا بضوابط الشَّريعة في استخدام
التِّقْنِيَات، ممَّا تَرَتَّب عليه ما نراهُ ونسمعهُ - جميعًا - منَ
انتشارٍ للرَّذيلة، وهَدْمٍ للأخلاق، وضياعٍ للأمانة؛ إلا مَنْ رَحِمَ
اللهُ تعالى،، والله أعلم.
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty رد: فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:30 am

السؤال:

ماذا تَرَونَ في التَّعَارُض بين الحديثين
التاليين:

حديث بُسْرَةَ بنت صفوان: "من مَسَّ ذَكَرَهُ
فليَتَوَضَّأ
".

وحديث طَلْقِ بْنِ عَلِىٍّ: "إنما هو بضعة منك".


المفتي:
خالد
عبد المنعم الرفاعي

الإجابة:


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما
بعد:

فقد اخْتَلفَت أقوالُ أهلِ العِلْمِ بين التَّرجِيح والجَمْع في تلك
المسألة؛ فَرَجَّحَ بَعْضُهُم نَقْضَ الوُضوءِ مُطْلَقًا، والبَعْضُ
رَجَّحَ عَدَم النَّقضِ مُطْلَقًا، وذَهَبَ آخرونَ إلى الجَمْعِ؛ فرؤوا أن
المَسَّ إن كان لإثارَة الشَّهوةِ، فإنَّه يَنْقُض، وإن كان لغَير ذلك، فلا
يَنْقُضُ، أو أن الأمر بالوضوء في حديث بُسْرَةَ للاستحباب؛ وإليك تفصيل
القول في تلك الآراء:


الأول: من رَجَّحَ نَقْضَ الوُضُوءِ مُطْلقًا، وهم الجمهور من
المالكية - في المشهور - والشافعية والحنابلة - في الصحيح من المذهب -
وإسحاق، وابن حزم، وأكثر أهل العلم واحتجوا بحديث بُسْرَةَ بنت صفوان: "من مَسَّ ذَكَرَهُ فليَتَوَضَّأ"، ورجحوه على حديث
طَلْقِ بْنِ عَلِىٍّ مِن وُجُوه:


منها: كونه أَصَحَّ وأرجَح مِنه؛ لكثرة مَنْ صَحَّحَه من الأئمة،
ولكثرة شواهده.


ومنها: كون بُسرة حدثت به في المدينة، والمهاجرون والأنصار
مُتَوَافِرُون، ولم يدفعه منهم أحد.


ومنها: أنه ناسِخٌ لحديث طَلْقِ بْنِ عَلِىٍّ؛ لأن إسلامَ بُسْرَةَ
مُتَأَخِّر عن إسلامِ طَلْق.


ومنها: أنَّ حديث طَلْقِ مُوافِق لما كَانَ الأَمْرُ عليه قبل ورود
حديث بُسْرَةَ من البَرَاءَةِ الأَصلية، وحديث بُسْرَةَ نَاقِل عَنها.


قال البيهقي: "يَكْفِي في ترجيح حديث بُسْرَةَ على حديث طَلْق بن
عليّ، أَنَّهُ لم يُخَرِّجهُ صَاحِبا الصَّحِيح، ولم يُحْتَج بِأَحَدٍ مِن
رواته، وقد احتُجَّ بجميع رواة حديث بُسْرة"، ثم إن حديث طَلْق بن عليّ قال
الشَّافعي: قد سألنا عن قَيْسِ بن طَلْق؛ فلم نَجِد من يعرفه، فما يكون
لنا قبول خَبَرِهِ. وقال أبو حاتم وأبو زرعة: قَيْسِ بن طَلْق ليس فيمن
تقوم به حُجَّة وَوَهَّياهُ.


الثاني: أن مّسَّ الذَّكَر غَير ناقِضٍ مُطْلَقًا؛ وهو قول
الحنفية، ورَبِيعة، والثَّوْرِيِّ، وابنِ المُنْذِر والرواية الثانية عن
أحمد؛ واحتَجُّوا بِحَدِيث طَلْق بن عليِّ رضي الله عنه قال: "قال رَجُلٌ: مَسَستُ ذَكَرِي. أو قال: الرَّجُل يَمَسُّ
ذَكَرَهُ في الصَّلاةِ؛ أَعَلَيْه الوضوء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
لا، إنما هو بضعةٌ منك
"؛ أخرجه الخمسةُ.


الثالث: من ذَهَبَ إلى الجَمْعِ؛ قَالوا: إن مَسَّ الفَرْج
يُستَحَب له الوضوء، وهو رواية عند المالكية، ورواية عن أحمد، كما في
(الإنصاف) للمرداوي، اختارها شيخ الإسلام في الفتاوى، وعن أحمد رواية أخرى
أنه لا يَنْقُضُ لغير شهوة.


وقالوا: حيث إن الحديثين صحيحان؛ فلا وجه لترجيح أحدهما على الآخر،
مادام الجَمْعُ مُمْكِنًا؛ فالأمر بالوضوء في حديث بُسْرَةَ مَصْروف من
الوجوب إلى الاستحباب، بدليل حديث طَلْق.


وأجابوا عمن قال بالترجيح: بِأنَّنَا لا نلجأ إلى التَّرجِيح إلا
بعد تَعَذُّرِ الجَمعِ، أَمَّا مَعَ إِمكان الجَمْعِ؛ فلا نَرجِع إلى
التَّرجِيحِ؛ لأن الجَمع مُقَدَّم على التَّرجِيح؛ والقاعدة الأصولية "أن
الإعمال أولى من الإهمال"؛ لأن في الجَمْعِ إعمالاً للدليلَينِ.


وأما كون بُسْرَةَ حَدَّثَت به في المدينة والصَّحَابَة من
المُهاجرين والأنصار مُتوافِرُون ولم يدفعه منهم أَحَد، فالجَوَابُ:
أَنَّهُم لم يدفعوه؛ لأنها رِوَاية وليست فتوى، فهي لم تَقُل: إن حديثَها
يُفِيد الوجوب، وأن المسَّ ناقضٌ للوضوء، حتى نقول إنهم لم يُعَارِضُوه،
فرُبَّمَا فهموا من الحديث أن هذا الأمر للاستحباب، بقَرِينة حديث طَلْقِ
بن عليّ.


وأيضًا تَأَخُّر إسلامِ الرَّاوي ليس دليلاً على النَّسْخِ عند
المُحَقِّقِين من أَئِمَّةِ الأُصُول؛ لأنه قد يكون ما يُحَدِّثُ به
أَخَذَهُ عن غَيره من الصَّحابةِ، وهو ما يُعْرَف بمُرْسَلِ الصَّحابِي.


والراجح عندنا - والعلم عند الله - قَوْلُ من قال بأنه ينقض، لأن
قيس بن طلق ليس ممن يحتج به، فروايته لا تقام رواية حديث بسرة من حيث
الثبوت،، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty رد: فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:30 am

السؤال:

تَنَاقَشْتُ مع أَحَدِ الأشخاص على
(الإنترنت) عن حكم ضرب الدف فهو لا يريد إلا كلامًا موثوقًا وليس نقاشًا
وجدلاً.


أريد منكم تفصيلَ المسألة، وهناك قول بأن الدليل (أعلنوا النكاح
واضربوا عليه بالغربال) يخص الرجال والنساء، وغير ذلك فلا يجوز.


المفتي:
خالد
عبد المنعم الرفاعي

الإجابة:


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما
بعد:

فقدْ رخَّص الشرعُ في استعمال الدُّفِّ في الأعراس والعِيدَيْنِ للنساء
والأطفال، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة؛ منها:

حديث الجاريتَيْنِ وغنائهما في بيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد
ففي رِوايَةِ مُسْلِمٍ "وفيه جارِيَتانِ تَلْعَبَانِ
بِدُفٍّ
".


ومنها: ما رواه أحمدُ والترمذي وابن حبان والبيهقي من حديث بريدة: "أن امرأة أَتَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا
رسول الله, إني نذرت أنْ أَضْرِبَ بالدف بين يديْكَ إن رَجَعْتَ من
سَفَرِكَ سالمًا , فقال صلى الله عليه وسلم: أَوْفِي بِنَذْرِكِ
".


وقد اختلف أهلُ العلم في ضرْب الدُّفِّ للرجال على قولَيْنِ:

الأوَّلُ: يُباح ضرْب الرجال بالدُّفِّ في الأعْراس ونحوها، وهو مذهب
المالكية، والشافعية، وهو ظاهِر نصوص أحمد وكلام أصحابه، قال ابنُ حجرٍ
الهَيْتَمِيّ في (التحفة): "ولا فرق بين ضربه من رجل أو امرأة، وقول
الحَليمي يَختص حِلُّه بالنساء رَدَّهُ السُّبْكِيُّ". انتهى.


الثاني: كراهِيَة ضربِ الرجال بالدُّفِّ في الأعْراسِ ونحوِها،
وهذا مذهب أبي حنيفة، وقول عند المالكية والشافعية والحنابلة. قال
البُهُوتي في (كشاف القناع): "(ويكره) الضربُ بالدُّفِّ (للرجال) مُطلقا
قاله في الرعاية. وقال الموفق: ضربُ الدُّفِّ مخصوصٌ بالنساء. قال في
الفروع: وظاهر نُصوصِه وكلامِ الأصحاب التسويةُ"، وقال في (رد المحتار)
لابن عابدين - الحنفي -: "قوله: ضرب الدف فيه -أي العرس- خاصٌّ بالنساء....
وهو مكروه للرجال على كل حال للتشبه بالنساء".


والراجِحُ - والله أعلم - أنَّ الضرب بالدف خاصٌّ بالنساء دون
الرجال؛ لأن الدُّفَّ من جُملة المعازف التي حرمها رسول الله صلى الله عليه
وسلم بقوله: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ
يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخَمْرَ والمَعَازِفَ
"؛ أخرجه
البخاري تعليقًا بصيغة الجزم عن أبي مالك الأشعري، ورواه غيرُه موصولاً
بِطُرُقٍ كثيرةٍ أوردها ابْنُ حجرٍ في كتابه (تغليق التعليق)؛ فالأصل تحريم
جميع المعازف.


ولكن جاءت الأدِلَّةُ مُستثْنِيَةً استخدامَ الدُّفِّ للنساء
والأطفال وبقي الرجال على الأصل، ولم ينقل أنَّ الرجالَ كانُوا يُنْشِدون
بالدُّفِّ، مع وجوده، ولعلَّ ذلك راجع إلى أنَّ الرجال ينبغي أن يكون
اهتمامُهُم باللَّهْوِ الذي يَبْنِي شخصيَّةً قويَّةً، ولا يشغل عن معالي
الأمور، ولهذا كانوا يلعبون بالحِراب، وهي من أدوات الحرب، أمَّا النساء
فليس ذلك من شأنهنَّ، فأَذِنَ الشارع لهنَّ بما يتناسب وطبيعة النساء
ورِقَّتِهِنَّ.


أما الحديث المذكور في السؤال فرواه التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ
مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا
عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ
" - أَيْ الدُّفِّ -؛ فإسناده ضعيف؛ فِيه
خَالِدَ بْنَ إلْيَاسَ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَهُ أَحْمَدُ،
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ وَهُوَ يُضَعَّفُ،
قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ
الْوَجْهَيْنِ، والحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ في الفَتْحِ.


وقال ابْنُ حَجَرٍ في (فتح الباري): "واستدل بقوله "واضربوا" على أن ذلك لا يختص بالنساء لكنَّه ضعيف،
والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساءِ؛ فلا يلتحق بهنَّ الرجال لعموم
النهي عن التشبه بهن".


قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وبالجملة قَدْ عُرِفَ بالاضطرار من
دِين الإسلام: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يشرع لِصَالِحِي
أُمَّتِه وعُبَّادهم وزُهَّادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملَحَّنة،
مع ضرب بالكَفِّ، أو ضرب بالقَضِيب، أوِ الدُّفِّ...كما رخص للنساء أن
يَضْرِبْنَ بالدف في الأعراس والأفراح. وأما الرجال على عهده فلم يَكُنْ
أحدٌ منهم يضرب بدف ولا يصفق بكَفٍّ، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: "التصفيق للنساء والتسبيح للرجال". وقال: "ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال
بالنساء
". ولما كان الغناء والضرب بالدُّف والكف من عمل النساء، كان
السلف يسمُّون من يفعل ذلك من الرجال مُخَنَّثًا، ويسمون الرجال -
المغنِّينَ مَخانيث وهذا مشهور في كلامهم". اهـ.


قال الشيخ محمد بن إبراهيم: أما "الدف" فيجوز في العرس بِشُروط،
ولا يجوز للرجال مطلقاً".


وقد سُئِلَتِ اللجنة الدائمة في حكم ضرب الدفوف للرجال، فقالت: ومن
وسائل إعلانه الضرب بالدف، لكنه من النساء دون الرجال؛ لِثُبُوتِهِ
مِنْهُنَّ عمليًّا دون الرجال في الصدر الأول"،، وبالله التوفيق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty رد: فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:32 am

السؤال:

سوف أقوم بأداء العمرة - بإذن الله تعالى -
وسوف تكون في موعد الدورة الشهرية، ولا أستطيع تناول أي أدوية لتأجيلها
لظروف صحية، ولا أستطيع تأجيل العمرة لارتباطي بالفوج المسافر، إنني حزينة،
هل من الممكن أداء بعض الفروض، وقراءة ما أحفظ من القرآن الكريم والأدعية.
أفيدوني سريعًا؟ جزاكم الله كل خير.


المفتي:
خالد
عبد المنعم الرفاعي

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله
وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإنَّ إحرامَ المرأة الحائضِ بالعُمْرة أو الحج صحيحٌ ومنعقدٌ، وإنما
الواجب عليها إذا وصلت الميقات وهي تريد الحج أو العمرة أن تغتسل
وتستَثْفِرَ بثوبٍ وتُحْرِمَ، ومعنى الاستثفار: أن تشد على فَرْجها
خِرْقَةً وتربطها، ثم تحرم سواءٌ بالحج أو بالعمرة؛ فقد روى مسلم عن جابر
بن عبد الله "أن أسماءَ بنتَ عُمَيْسٍ زَوْجَةَ أبي بكر
رضي الله عنهما وَلَدَتْ والنبي صلى الله عليه وسلّم نازل في ذي الحليفة
يريد حجة الوداع، فأرسلتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلّم: كيف أصنع ؟ قال :
اغتسلي واستثْفِري بثوْبٍ وأَحْرِمي
" والحيض كالنفاس بإجماع الأمة،
وفي الصحيحين "عن عائشة تقول: خرجنا لا نرى إلا الحج،
فلما كُنَّا بِسَرِف حِضْتُ، فدخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
وأنا أبكى، قال: ما لَكِ أنفِسْتِ. قُلْتُ: نعم، قال: إن هذا أمر كَتَبَهُ
اللهُ على بَنَاتِ آدَمَ ، فاقْضِي ما يَقْضِى الحاجُّ، غَيْرَ أن لا
تَطُوفي بالبيت
" وعند مُسلم: "فاغتسلي ثُمَّ
أَهِلِّي بالحج, ففعَلَتْ ووَقَفَتِ المواقِفَ حتَّى إذا طَهُرتْ طافتْ
بالكعبة والصَّفا والمروة
" فدل على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو
العمرة وهي حائض أو أتاها الحيض بعد الإحرام وقبل الطواف أنّها لا تَطُوفُ
ولا تسعى حتى تَطْهُرَ وتَغْتَسِلَ، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء.


قال ابنُ قدامة : الطَّهَارَة مِن الْحَدَثِ شرطٌ لِصِحَّةِ
الطَّوَافِ, فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ,
وَالشَّافِعِيِّ. اهـ.


وبِناءً على ما سَبَقَ؛ فإنْ حِضْتِ قبل الوصول للميقات فاغتسلي
واستَثْفِري وأَحْرِمي بالعُمرة، فإذا وصلْتِ مكة المكرمة لَزِمَكِ
الانتظارُ حتَّى الطُّهر، وكذلِكَ الأمر إن حِضْتِ بعد الإحرام وقبل
الطواف.


فإن كنت لا تستطيعين البقاء في مكة حتى تطهري، فيمكنك الرجوع إلى
بلدك وأنت على إحرامك، فإذا طهرت فارجعي لمكة وأكملي عمرتك. فإن علمت أنك
لا تستطيعين الرجوع، فلا تحرمي، ولا بأس من الذهاب مع الفوج (الحملة) ودخول
مكة دون إحرام لكن لا تدخلي الحرم إلا وأنت قد طهرت، ويمكنك فعل جميع
الطاعات التي يجوز للحائض فعلها؛ كقراءة القرآن من غير أن تمسي المصحف
مباشرة، والدعاء، والصدقة، ونحو ذلك.
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى متجدد Empty رد: فتوى متجدد

مُساهمة من طرف م:أحمد الشايب الخميس يونيو 17, 2010 10:44 am

السؤال:

أنا سيدةٌ مشترِكةٌ في جمعيةٍ لرعاية أطفال
السَّجينات، وهي جمعيةٌ تهتم بالأطفال المولودين في السُّجون، وبغذاء
أمهاتهم، وبرعايتهم، وعند بلوغهم سن سنتين نقوم بإيداعهم في دارٍ للأيتام،
وتعملُ الجمعية على إمداد هؤلاء الأطفال بالغذاء والملابس والأدوية حتى
انقضاء مدة عقوبة أمهاتهم من السجينات.

والشاهدُ: إنَّنا عندما بحثنا في كتابه الكريم؛ وجدنا الأمر بأن نعطي
اليتيم والمسكين والأسير، فهل ينطبقُ عليهم قول الله تعالى: {وَأَسِيرًا


المفتي:
خالد
عبد المنعم الرفاعي

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله
وصحبه ومن والاه:

فجزاكِ اللَّهُ خيرًا على ما تقومين به من أعمالٍ صالحةٍ، واللَّهَ
نسألُ أن يتقبَّل منَّا ومنكم صالحَ الأعمال.


وبعدُ: فإنَّ المرادَ بالأسير في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا
وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا
} السجينُ، سواءٌ أكان مسلمًا أو غيرَ مسلمٍ؛
فَنَفَقَتُكُنَّ على السَّجينات، ورعايتُهنَّ بالغذاء وغيره داخلةٌ في معنى
الآية الكريمة، أما رعايةُ الأطفال؛ فغيرُ داخلةٍ في معنى: {وَأَسِيرًا}، وإن كانت النفقة على أولئك الأطفال مما
يدخل في صدر الآية: {مِسْكِينًا}.


هذا؛ والأوصاف الثلاثة في الآية؛ وهي: (المَسْكَنَةُ) و(اليُتْمُ)
و(الأَسْرُ) لا يَلْزَمُ أن تكونَ لموصوفٍ - شَخْصٍ - واحدٍ، وإنَّما
الظَّاهرُ أنَّها لموصوفِينَ مختلفِينَ؛ لأنَّ العطفَ بالواو يُفيدُ
المُغَايَرَةَ، بمعنى أنَّ المسكينَ غيرُ اليتيم، غيرُ السَّجين؛ فقد يكون
مسكينًا وغيرَ أسيرٍ أو يتيمٍ ... وهكذا.


قال الإمامُ ابنُ جَريرٍ الطَّبَريُّ: "يعني جَلَّ ثناؤه بقوله {مِسْكِينًا}: ذوي الحاجةِ الذين قد أذلَّتْهُمُ
الحاجةُ. {وَيَتِيمًا}: وهو الطِّفْلُ الذي قد
مات أبوه، ولا شيءَ له. {وَأَسِيرًا}: وهو
الحَرْبِيُّ من أهل دار الحرب، يُؤْخَذُ قهرًا بالغَلَبَة، أو من أهل
القِبْلَةِ، يُؤْخَذُ فيُحْبَسُ بحقٍّ، فأثنى اللَّهُ على هؤلاء الأبرار
بإطعامهم هؤلاء، تَقَرُّبًا بذلك إلى الله، وطلبًا لرضاه، ورحمةً منهم
لهم"،، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م:أحمد الشايب
م:أحمد الشايب
مشرف عام
مشرف عام

عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
العمر : 40
الموقع : www.highstar.in-goo.net

http://www.highstar.in-goo.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى